احزان الشام شكر وتقدير
عدد المساهمات : 624 تاريخ التسجيل : 13/12/2011
العمر : 39
| موضوع: الحب الصادق ( اهداء الى كل قلب صادق بحبه ) الثلاثاء يناير 31, 2012 5:53 am | |
|
[size=25]الحب الصــادق
ثلوج تتساقط على أغصان الأشجار , بالشوارع والطرقات , أطفال يلعبون ويركضون , ويركل بعضهم الآخر ببعض من الثلوج , سيارات تسير , ودراجات نارية تمشي بحذر , خوفا من الانزلاق على الطريق , كان على الطريق شاب وفتاة يسيران على الأقدام , في وقت لا تجد فيه من يسير بهذه الأجواء , الملبدة بالغيوم , وتساقط الثلوج , أياديهما متشابكات , خطوات تدريجية ليست بالخطوات المتساوية , يسيران ويتهامسان الحديث , ويتلاحقان ويهرولان , توقفا تحت شجرة لتحميهما من هذه الثلوج التي تزايدت , نظر كلاهما إلى بعض , فكانت الفتاة قد بدأ يبان عليها احمرار الأنف والخدين من شدة البرد , ويداها ترتجفان رغم الابتسامة التي لا تفارق ثغر شفاهها , التقط مُراد يدا ريتال , ووضعهن على شفتاه , فقبلهن وبدأ يخرج من فمه هواء ً دافئا , ليعطي جسمها بعضا من الحرارة , علّـها تسعفها قليلا من هذا البرد القارص , يداها على شفتاه , ورأسه على يداها , فرفع رأسه قليلا وهو ممسكا يداها , ونظر إليها تلك النظرات التي يملؤها الحب والاطمئنان , وقال لها متبسما :" ما أجملها من أوقات أجد شيئا منك ِ بحاجة لشفتاي ..." خجلت ريتال من تلك الكلمات , ويغمرها شعور بأن هذه الأوقات أجمل أوقات حياتها , ولكن تلك الكلمات أخجلتها , ولم تستطع أن تترك لهذا الشاب المجال مفتوحا , فسحبت يداها من يداه , وقالت له :" لقد شعرت الآن بالدفء ..." فضحك وهو يقول مع نفسه :" إنني أعلم مدى خجلك الذي تدارينه عني , ولكن إلى متى سوف تبقين هكذا خجولة , وتحاولين التهرب مني وأنت ِ بوضع لو كنت فيه , لتمنيت أحدا يعطيني شعورا بالدفء .." بقيا لبرهة ٍ من الزمن صامتان , خفت الثلوج بالتساقط قليلا , ذهبا سيرا على الأقدام إلى بيت الفتاة , الذي يبعد نحو أربعمائة مترا , بعد وصولهما إلى البيت , وقفا على الباب قليلا , يتبادلان النظرات بعد تلك اللحظات التي قضياها معا , تلفتت برأسها نحو الداخل , وقالت له :- " هل يمكنني أن أدخل الآن , أم أتجمد بردا ...؟!" فأجابها فورا: " أسف لقد أطلت الانتظار لكن ليس بيدي أي مجال , فتلك العيون هي التي سحرتني , وجعلتني أطيل النظر إليهن .. ألقاك ِ غدا .. إلى اللقاء " افترقا وذهب كل ٌ منهما إلى بيته , فقد دخلت ريتال مباشرة لتبديل ثيابها , التي ملأتها الثلوج , وجلست على السرير بعد الانتهاء من ارتداء ملابس جديدة , فقد بدأ التفكير يأخذها إلى تلك اللحظات , التي عاشتها مع أكثر شخص مقرب لقلبها , وأرادت أن تعبر له عن حبها بشيء , ليس متداول , فكرت ...وفكرت... , ماذا أصنع لمُراد لأعبر له عن مدى حبي له , الآن قد عرفت ماذا يمكنني أن أفعل , بدأت بحياكة قطعة قماش , مرسوم ٌ عليها حرفان "الميم والراء " , ووضعت المكياج على شفتاها , وقبلت تلك القطعة , وقامت بتعطيرها بأفضل أنواع العطور لديها , ووضعتها بجانبها , أصبحت باليوم الثاني , نشيطة ليس مثل أي يوم آخر , رغم قلة الساعات التي قضتها بالنوم التي لا تتجاوز الأربعة ساعات , نتيجة سهرها على حياكة قطعة القماش , فتحت شباك نافذتها المطل على حديقة , فوجدت الشمس قد ظهرت , ووجدت وردة ملفتة للانتباه لا تبعد إلا خطوات من شباك النافذة , فقد أدهشتها , ذهبت لتحضير فنجانا من قهوة الصباح , الذي تعودت على شربه صباحا , جلست تنظر من تلك النافذة على الحديقة , تتأملها بأزهارها , وورودها , وأشجارها , فلم يشدها سوى تلك الوردة التي جعلتها تفكر أن تقتطفها , دق جرس الساعة لتشير إلى التاسعة صباحا , أزعجها صوت منبه ساعة الحائط , الذي قطع لحظة التأمل , التي كانت لصالح تلك الوردة , أصرت أن تذهب لتقتطفها , وتعتني بها عندها , وصلت إلى مكان الوردة , فوجدت بها ورقة مربوطة بخيط بساقها , تعجبت لهذا الأمر , فأصرت أن تقرأ الورقة أولا , ففتحتها وقرأت ما هو مكتوب تعجبت كثيرا , أخذت الورقة , ولم تأخذ الوردة , جلست لدقائق عديدة تنظر من تلك النافذة متعجبة , تردد وتحلل تلك العبارة التي كتبت في الورقة , تقول من يا ترى كتب تلك العبارات , من فعل ذلك , مستغربة من هذا , أيقظها جرس الهاتف من رحلة التفكير , فكان مُراد هو المتصل , فقال لها قبل أن يقول مرحبا أو يبدأ برد السلام :-" لا تقطفي الوردة , فقد اعتنيت بها كثيرا , فهي تلك الوردة التي قلتي لي يوما إني أحبها , فزرعتها عند شباك نافذتك , وكل يوم أعتني بها " تعجبت ريتال وقالت له إذا هذه الوردة منك أنت , فقال أجل , هذا صحيح .. أنستهما الوردة حتى كلمات الصباح , وعبارات الترحيب , فقد استفاقت من بين أحلام اليقظة بهذا الشاب , وقالت له أود أن أقابلك الآن أين أنت ..؟! فتواعدا على مكان اللقاء , باق ٍ على موعد اللقاء ساعة وبضع دقائق , ذهب مُراد لبائع الصيغة , ليشتري محبسا لمحبوبته , ومحبسا له , ليتواعدا على ألا يترك أحدهما الآخر , وصل مُراد إلى مكان اللقاء , وبحوزته المحبسان , يتأملهما ويقول ماذا ستكون ردة فعل محبوبتي , نظر لساعته عدة مرات , كان الوقت يمضي كأنه سنوات , بقي للموعد خمس دقائق , بدأ يتجول تحت الشجرة الواقفة فوق تلة كبيرة , بجوارها قليلا مكان منحدر جدا , يخيف من لا يعتاد عليه , تلك الشجرة التي كانا تحتها لتحميهما من الثلوج ليلة أمس , نظر إلى البعيد ينتظر محبوبته ريتال , وكانت ريتال قادمة لتعطيه الهدية بعد أن غلفتها بغلاف أحمر , تلك الهدية التي بقلبها أكبر من أي شيء , لتعبر عن حبها لمُراد , قضت طوال الليل سهرانة على حياكتها , شاهدا بعضهما على بعد مسافة قليلة , غمر قلبيهما الفرح والسرور , كان مُراد يمسك بالمحبسين بيده ويتأمل بهمها بعد نظرته لمحبوبته , وقع محبس على الأرض وبدأ المحبس بالدوران حتى وقع في المنحدر , حاول ان يلتقطه مُراد , وأسرع ملحقا به , حتى كاد يقع من هذا الارتفاع الشاهق , حتى التقط المحبس , فشاهدته ريتال وهو يكاد يقع في هذا المنحدر , فصرخت عليه , تناديه باسمه , بدأت تجري دونما تتلفت يمينا أو يسارا , وهي خائفة على مراد , سمع مراد صوتا غريبا , صوت احتكاك عجلات شاحنة مع الأرض لتتوقف فجأة , بدأ الناس بالصراخ , قال ما بهم ماذا حصل , أين ريتال , لقد كنت أسمع صوتها قبل قليل , يبدو أنها الآن واقفة مع تلك الحشود من الجماهير , لأذهب وأرى ماذا حصل , وصل المكان , فوجد من عشقها , من أحبها قلبه ملقية على الأرض , والدم يتصبب منها , صرخ صرخة جنونية , كان لها صدى في السماء , جرى مدافعا الناس للوصول إليها , أمسكها ونادى عليها بأعلى صوته , بدأ يقبلها من جبينها وينادي عليها وعيناه تتغرغر دموعا , ويتنهد وهو يبكي , أجيبيني يا ريتال , إني أحبك يا ريتال , فلتسمعيني , كررها لمرات عديدة , فتحت ريتال عينيها قليلا , وهي تتشردق بدمها المنساب من فمها , فرح عندما رآها على قيد الحياة , قال لها , الآن سوف آخذك إلى المشفى , لا تقلقي , وصرخ على الناس المحيطين به , حتى يتصلوا بالإسعاف لإنقاذها , أكمل حديثه وهو يمسح دموع عينيه ليعطيها الأمل جئت وأحضرت معي محبسين لنا , لئلا نفترق , فوضعت يداها على شفتاه , قالت له , أين حقيبتي , فبدأ يصرخ على الناس , يقول لهم أين الحقيبة , أحد يحضر لنا الحقيبة , فوجدوا الحقيبة , جلبوها لمراد , أخذها من يد الرجل , وقال لها ها هي , أعطاها لها , ففتحتها , وأحضرت تلك الهدية التي جهزتها بغلاف أحمر , وقالت له , لا تفتحها الآن , فإني قد أحببت أن تكون هدية للذكرى مخلدة لنا , بدأت ريتال تشعر بالتعب , تبلع ريقها , والدم ينزل من شفتاها , تقول له: " فلتحفظها بقلبك , إني أحـ حـ حبك يــا مراد ...." وقد تراخت جميع أطرافها , فتح عينيه بعد البكاء الشديد مراد , ومسك وجهها , بدأ يحركه يمنة ً وتارة ً يسرى , ينادي عليها بصوت عال ٍ , ريتااال , أجيبيني , لا تتركيني وحيدا هنا يا ريتااال , فلتسمعي صوتي , فقد ذهبت ريتال لباريها , بعد حب ٍ طاهر عفيف , ذهبوا لدفنها بعد أن جهزوا كل ما تتطلبه من إجراءات , وبعد توديع أهلها لها , وعندما وصلوا القبر , لم يتمالك أعصابه بكاء ً , لم يستطع أن يراها توضع في حفرة ً وحيدة , أصبح يصرخ يقول , أريد أن أبقي بجانبك , أريد أن أموت معك , لا أريد أن تتركيني , والناس تشده للخلف ليتراجع قليلا , وليتروى عن هذا .. بعد انتهاء الدفن , بقي لوحده عند قبرها , يقبل القبر , وتسيل دموعه من عينيه , وروحه تكاد تخرج لباريها من شدة الحزن , وبدأ بترديد الذكريات التي مرت معهما , وأجمل الأوقات التي قضياها معا , وعندما غابت الشمس , قال لها سوف آتي غدا صباحا لأكمل لك ِ باقي الذكريات , وسوف أجلب معي تلك الوردة , التي تحبينها دوما , ولن أتركك مهما حصل , حتى وأنت في القبر , خرج من المقبرة , وهو متوجه لبيته , وعيناه مليئتان بالدموع , بدأ بحالة لم تشهدها من قبل أي حالة , ممسكا بقطعة القماش التي حاكتها له , بيديها , وضعها وهو يقود سيارته على وجهه يستنشق رائحتها , يردد ويقول " أحبك يا ريتال أحبــك , فإذا به يجد طفلا أمامه في الطريق وهو مسرع , كان الطفل يريد أن يتجاوز الطريق , فقد أراد أن يبتعد عنه , فأدار مقود السيارة يمينا , فاصطدم بجدار منزل , حتى أنه كانت حالته صعبة , ونقل للمستشفى , وفي الليل تم الإعلان عن وفاته , فسوف يذهب إلى ريتال كما وعدها , يذهب ليسليها ليلا نهارا , لا يتركها , هكذا الحب الصافي , لا تفرقه أي أوقات , لا تبعده أي أحداث , وفي الصباح قد دفن بقبر مجاور ٍ لقبر ريتال .......
همسة / أردت أن أضعها هنا لأعرج عن الحب الصادق , وكيف لا تفرقه أي منغصات , ولنقل وضعتها بمناسبة ما يسمونه عيد الحب [/size] | |
|