سلفيون حتى الثمالة
بقلم: حسن الخفاجي
Hassan_alkhafaji_54@yahoo.comحينما كان الشاعر الغنائي العراقي المغيب الراحل ذياب كَزار الملقب (أبو سرحان) , صاحب الأغاني السبعينية الرائعة يدافع عن كرامة لبنان ضد الغزو الإسرائيلي , كان معه عرب وأجانب من مذاهب فكرية شتى واديان مختلفة , لم يكن بينهم سلفي واحد !!!.
حينها كان اغلب السلفيين يعملون مخبرين للدوائر الأمنية في بلدانهم, كل مشايخهم كانوا ولا يزالون يحرمون الخروج على الحاكم وان كان فاسدا أو جائرا , خصوصا في بلدان الخليج ويحللون الخروج على غيرهم من الحكام !!.
سمعنا عنهم بعدما احتل السوفيت أفغانستان , حينها ارتفع صوت بوق المخابرات الأمريكية للتعداد الصباحي في معسكرات السلفية .نشطت المخابرات السعودية والباكستانية ولعبت دور دائرة التجنيد ورئيس عرفاء الوحدة العسكرية , الذي يجمع الأفراد ويوزعهم على سواتر القتال , طالما ان العدو كان مشتركا للأمريكان وللسلفيين .
هذه كانت البداية , حين استخدموا بنادق بيد المخابرات الأمريكية!. هكذا وصفهم محمد حسنين هيكل في كتابه (من نيويورك إلى كابول).
الغريب ان أنور السادات كان يريد التخلص من ارث زيارته لإسرائيل فساهم في تلك الحرب , حين باع السلاح "للمجاهدين والعرب الأفغان" وزودهم بالبغال المصرية , التي أسهمت "بالجهاد" على الطريقة السلفية ونقلت أسلحتهم وأمتعتهم في جبال أفغانستان !.
لان السلفيين كأعواد كبريت أيام زمان , التي كانت تشتعل في جيوب مستخدميها .أشعل السلفيون العائدون من أفغانستان" العرب الأفغان " النيران في بلدانهم بعد عودتهم أليها , وأشعلوها بوجه من جمعهم بالأمس - الأمريكان - .فجروا سفارات لأمريكا في أفريقيا , وفجروا أمريكا من داخلها في أحداث أيلول , أحرقت نيرانهم الكثير من البلدان.
على أضواء حرائق السلفيين شاهدنا معالم خريطة جديدة ترسم , وعلى صوت تفجيراتهم انتبهنا لقوم :تعاونوا على الإثم والعدوان ولم يتعاونوا على البر والتقوى !!. سموا قتلهم الآخرين جهادا.
يريدون تسويق مفاهيم لا يمكن ابتلاعها.
كيف نفسر عدم مشاركتهم بأي حرب وعملية كبيرة للان ضد إسرائيل .-لا ادعوا لقتل الأمنيين والمدنيين في كل بقاع الأرض مهما كانت دياناتهم - في الوقت , الذي كانت تشتعل عواصم العرب والمسلمين وحتى غير المسلمين بنيران تفجيراتهم !؟.
عدوهم ليس واحدا في كل الأوقات , عدوهم في نهر البارد بلبنان , كان يختلف عن عدوهم في مصر عندما استهدفوا كنائس الأقباط , واختلف مرة أخرى حينما استهدفوا مساجد الشيعة وتجمعاتهم في العراق وباكستان وأفغانستان .عدوهم في اليمن يختلف عن عدوهم في بابا عمر في سوريا , ويختلف عن عدوهم في الشيشان والفلبين ونيجيريا والصومال واندونيسيا وتايلاند وأمريكا والغرب, لكنهم أعداء كل من يخالفهم الرأي والمعتقد يعني أنهم أعداء الإنسانية جمعاء .
تجمعهم صيحة الطائفية أكثر من واجب الجهاد , وتجمعهم راية البحث عن السلطة وإقامة دولة خلافة إسلامية في عصر العلم والتقدم , عصر الانترنيت وموضة (الستريج) والمايوه !.
الاستعانة بالسلفيين محفوفة بالمخاطر , طالما انهم يريدون تطبيق أفكار تتقاطع مع العصر , صديقهم في هذه المرحلة عدوهم اللاحق!. مثلما مررنا بمراحل التحرر الوطني وبروز المد القومي واليساري والإسلامي المعتدل واللبرالي , نعيش في العالم العربي والعالم من حولنا عصر السلفية حتى الثمالة: فضائيات وفتاوى وأخبار وتفجيرات وفتن وقتل وخطف وذبح وتجمعات وأحزاب ودولارات سلفية , لكننا لم نسمع عن مركز أبحاث علمية وإنسانية سلفي , لم نسمع عن أدب وفن وإبداع سلفي , كما لم نسمع عن حب وحياة وعشق أنساني سلفي , لا بل أنهم يحرمون هذه المفاهيم !.
يبدوا واضحا ان تحالفا مشبوها تقوده قطر والسعودية , يعمل لتنفيذ أجندات إجرامية مشبوهة , السلفيون هم أحسن من ينفذ. يراد للسلفية ان تقود البلدان العربية في هذه المرحلة , لتشغلها بصراعات مذهبية وطائفية , من اجل ان لاتصل رياح التغيير للأنظمة الخليجية ومن اجل هدف آخر اكبر..
وحدتهم وتجمعهم اليوم تحت هدف واحد يشبه تجمعهم لقتال السوفيت في أفغانستان , تجمع السلفيين وفزعتهم كفزعة الغربان على الحيوانات النافقة (الفطائس)
من سيكون النافق (الفطيسة) القادمة لتجتمع غربان السلفية على أشلائه بإيعاز من السعودية وقطر ؟.
(الراعي الذي يفتخر بالذئب لا يحب خرافه)